كان للتومان دور هائل في الجبلين و هم درعه عند رحيل شمر منه و هم بقيادة التمياط من قسموا غنائم ظفرة و أقلهم نصيب من أخذ اذواداً و لقّب بأبي الخلف . و لا يزال هناك أسرة من التومان تدعى بـ ( الخلوف ) و كان أبا الخلف رجل ذكي أستخدم عقلة و كسب كثيراً من حلال عنزة بعد هزيمتهم في ظفرة .
و بعد الوقعة الفاصلة بين شمر و عنزة ( ظفرة ) عام 1250هـ . تمكنوا شمر من أزاحة عشائر عنزة إلى بلادهم خارج الجبلين بقيادة البطل المحظوظ / مسلط التمياط . الذي تغنّوا ببطولته أشهر شعراء شمر و على رأسهم الشاعر البطل الفارس / مبيريك التبيناوي . بأعتباره خليفة الجرباء في نجد و محرّر جبل شمر من أطماع العواجي و أتباعه من عنزة . ثم أستدار الفلك إلى الدولة العثمانية و أسرت الأمام فيصل لمدة ثماني سنوات بعد أن عيّن عبدالله بن رشيد على حائل في حدود عام 1251هـ تقريباً .
و حدثت فوضى بعد أسر الأمام فيصل بن تركي آل سعود . و هرب عبدالله بن رشيد و عوائلة و أتباعه من الفرسان و المؤيدين و أخلو حائل في أنسحابٍ تكتيكي حتى لا تدمّر حائل بمدافع العثمانين و نزل الحيانية و أمّن عوائله في الجوف عند أبن ضويحي و دخلوا الأتراك حائل بسلام و معهم عيسى بن علي و حكمّوه عليها و دام ذلك حوالي سنة و نصف السنة تقريباً .
و في هذه الفترة كان ميلاد الأمير / محمد العبدالله الرشيد . من أمّه سلمى آل علي . في بيت الشيخ / ستر بن زويمل . شمالي أم القلبان في النفود الكبير . و سار البشير إلى عبدالله في مخبائه السري في النفود بالمولود و قال مازحاً مانبيه مانبيه ( أي لا نريد أولاد ) كان ذبحتوه أحسن . و قال عندك ذلك الرسول المكلف بالبشارة ( نذبح شيخ شمر ) و أصبحت هذه الكلمة نبؤةٍ بأن محمد الرشيد أصبح ليس شيخ لشمر فقط بل شيخ لشطر كبير من الجزيرة العربية .
ثم سارت سرايا من الدولة تبحث عن أبن رشيد و قوته في النفود و أتباعه و أضاعهم الدليلة و هو / عامر الصلج بن رمال ( راع البويضا ) و هو والد البطل / شايش الصلج . و من معه . و أصبحوا في فروشهم جاثمين من الظمأ و هناك وجدت الدولة نفسها في نكسة و أضطرب الأمن و أختل التوازن .
هنا بدأ دور التومان :
حيث أغاروا التومان يلاحقون قبيلة عنزة في بلادها و أغار هايس القعيط من جانبٍ آخر و قتل عقاب العواجي عام 1252هـ . و تصرّف السفير / عنوّف العريفي . مع الدولة في المدينة المنورة . بأن الذي يضبط الأمن بعد الأمام / فيصل بن تركي . هو عبدالله بن الرشيد . الهارب عن حائل . و سوف يأتيكم بالفين جمل من البادية لأستخدامها في الجيش العثماني في مراكزه في المدينة و عنيزة . بشرط أن تزودونه بفيلق من الدولة و وافقوا على ذلك و تم التنفيذ من قبل عبدالله بن الرشيد و هرب عيسى بن علي عن حائل و وصل الفيلق خلال أيام إلى حائل برئاسة اللواء / ساق الذيب . و هو لقب لقائد تركي . و حاول صديان بن عيادة ( شيخ الجحيش ) أن يكون هو السبّاق للدولة بأستخدام السرايا لصالحه و ساق الذيب و لكنه فشل و في ذلك أشعار معروفة للجميع .
و سار عبدالله بن رشيد في تلك القوات إلى تيماء التي نزح إليها العواجي ( رحيل ، سعدون ) بعد مقتل عقاب و حجاب عام 1253هـ . و أقنعهم و عنزة الآخرين ( الفقير ، الأيداء ) بأني لم آتيكم بقوة قومي ( شمر ) بل بقوة الدولة التي أسرت الأمام فيصل . و أنتم ليسوا أصعب منه . و أنني وحدي مع هذا الفيلق و لا نريد الأ الزكاة و بسط الأمن و فعلاً زكاهم بما مقداره الفين جمل من عنزة و أرسلها إلى الدولة و ضمن لهم الأمن . و في ذلك قال أحد الشعراء المشاغبين يحاول بث روح الثورة في عنزة و عدم الأنقياد بسهولة مع أبن رشيد خصوصاً و أنه رجل فرد فقط . و هو القروع .
قال :
يا عل خيبر هي و أهلها للأمحال
-------- تاخذ عن البارق ثمانيـن عامـي
اللي تولّى وديهم بـس رجـال
-------- و هم مثل وصف الجراد التهامي
الشمري وقف لنا بأيمن الجـال
-------- خذا الجمل و مرودمات السنامي
و منها :
يومٍ جرى بغنيم من شدهـة البـال
-------- و اللي يعرف الزود عاف الطعامي
من قصيدة معروفة .......
ثم بعدما أخذت عنزة الأمان نزلوا في آواسط بلاد شمر و قطنوا ( فرتاج ) أحسن موارد شمر في ذلك الزمان و ثارت ثائرة شاعر شمر البطل / مبيريك التبيناوي . يتمنّى التومان و على رأسهم مسلط التمياط . و كانت أمنية الشاعر أن يعود إلى منازله في جبال دقايا و سهول الغبية و الواقعة على مقربة من فرتاج جنوباً منه و التي نزح عنها مسلط خوفاً من الضربة القاضية من الدولة مثلما حصل للغيثة و آل غازي من الدغيرات الذين رفضوا الزكاة و الصلح مع عنزة و قبلهم الضربة المنكرة لأبن طواله و بادية آل علي و صديان بن عيادة و جموع من الأسلم على سميراء .
و أصبح الآن أبن رشيد مهيمناً على بادية عنزة و شمر و حرب .
و هذه أبيات من قصيدة التحريض للشاعر البطل / مبيريك التبيناوي . و الذي أختفى بعدما قالها :
يادار نـزّال الغبيـة عنـك غـاب
--------- تعطـري لرحيـلٍ هـو و سعـدون
لومي على أهل القرايا و الأعـراب
---------- العين ما نامـت و فرتـاج مقطـون
أنخوا هل الهدلاء إليا صار ضبضاب
--------- اللي يفكونـك مـن اللـي يعيلـون
نسري و نصبح فوقهم تقـل قـراب
---------- نسري و نصبح فوقهم قبل يـدرون
راس البثل كان أنت للداب ضـراب
---------- يصحب و ربعه كل يـومٍ يغيـرون
بعد ذلك عادوا التومان بالضغط على عنزة و الأغارات الخاطفة دون المواجهات مع العساكر العثمانيين و أذا آرادوا تأديبهم لم يجدوهم مما جعل عبيد بن رشيد يتشكى منهم بقوله :
دارٍ تغير بها الضحى قوم عساف
------------- تنعاف لو هو زعفـرانٍ ترابـه
و هو يقصد عساف بن لهاب من فرسان التومان .
و جاء الرد من شاعر التومان على عبيد بما مفاده أننا لا نستطيع العدول عن الغزو . بقوله
يـا عبيـد مالنـا بنجـدٍ ركـايـا
--------- الله خلقنـا للتغتّـر و الأرقــاب
و لنا حضايا مثل مالـك حضايـا
-------- و لا يهمنّأ لو جت بتثوير الأطواب
حنـا ذراء سكتانكـم و القـرايـا
-------- خبرك إليا منه حصل حزم كلاب
إلى آخر ماقال ...
و قد ذكرت لكم بيت في ردي الأول .
و السكتان هم رعاة الشاء . و واحدهم سكتي . لانهم يرعون بدون أصوات و دوهات كاصحاب الأبل .
و هذا ما جعل التومان تتخلى عن بيضاء نثيل أن كانت لهم قبل عنزة و الإ فـ عنزة يدّعون أنها لهم سابقاً و الشاهد قولهم بشعرهم ( ديرة الجعفريات ) و لكن الصلح الذي أعطاه الرشيد لعنزة و فرضته عليه الدولة أبقى كل طرف في مكانة و عدم أستمرار الأغارات و أخذ الثآرات و قد وفت عشيرة الجعافرة و التي تتولى قيادة ولد سليمان مع أبن رشيد و آل رشيد جميعهم و لم يشتركون ضد أبن رشيد في بقعاء و لم يشتركون ضد أبن رشيد في جميع الوقعات في الجوف بل كانوا يداً له في جميع غزواته و حتى على عنزة أنفسهم و منهم مطلق بن رجاء الأيداء عام 1300هـ . مع محمد العبدالله و برئاسة مشل العواجي و كانوا في مقدمة جيش أبن رشيد في غزوته على سنيد و مسند منقره البلوي . على جيده . و أشتركوا ولد سليمان في غزوة عرواء على عتيبة بالأضافة إلى قاسم بن براك و قد وفوا بالزكاة و كذلك الفقير من عنزة إلى أيام سعود بن عبدالعزيز الرشيد . قبل أنفصال أبن رمان في تيماء عام 1335هـ .
أنظر إلى بطولات التومان و الذين دافعوا عن بلاد شمر و هم ليس لهم قرايا كما توضح أشعار شعرائهم في زمان الأحداث و ليس لهم سوى نخيل في عقدة تسمى الهدل . ثم منزل التمياط على دقايا بجموع شمر . حيث كانت له رئاسة منقطعة النظير في زمانه و الدليل قول الشمري الذي نزل مع بني رشيد و لحقه ما لحقه من الظيم مما جعله ينخى رجلاً أن يوصله جموع التمياط في دقايا جنوبي جبل رمان . و يقول :
أنا ذراء راسي و زبني مريزيق
----------- اللي يحطّن عند جمـع الطنايـا
أهل وضاحٍ مثل لون المشاريق
---------- ينزل لها التمياط شرقي دقايـا
من قصيدة طويلة .
و شرقي دقايا هي الغبية الموقع المفضّل و قد أتخذه الأمير / عبدالعزيز بن مساعد . حمى للخيل . و ذلك لجودة مراعيه .
و للحديث بقية عن كفاح التمياط و التومان مجاناً دون الجبلين و قراها و باديتها إلى أن تسلمها رئيس الجبل ( عبدالله بن رشيد و أبناؤه ) و بعده ظهر الأمام / عبدالعزيز بن سعود . طيّب الله ثراه . و لم ينقص من حق شمر شيء سوى بئرٍ واحدة لم تكن من املاك شمر سابقاً .
منقول
للكاتب /أبراهيم سعيد الاسلمي